Skip to main content

تدوير العملة

من نقطة الصفر …وإلى تقطة الصفر …تبقى حالة سلبية تماما … نسج أسواق للوهم بعيدا عن تشبع الفكر بوعي الحقيقة …مراوحة بالمكان ….وتلويح بعصاوات تحمل بطاقات وهمية لكسب مخادع ..إن هو إلا مخاتلة كاذبة يراد منها التكبيل بقيود وديون إقتصادية واجبة الدفع بفوائد متصاعدة متوازية مع خط زمني يظن عبثا أنه أمر مقدور عليه.
وهكذا فالسباحة بالفراغ توشي وهمنا آنيا بالبهجة
يلوحون لنا بأعلام زاهية…نحسبها لتلهفنا انتصارات لمكاسبنا .. ولكن ؟ ؟؟
ماذا عن الحقيقة ؟

حين يغيب الإنتاج .. يبتلعنا الإستهلاك …وتلك العملة الدوارة ستضيق وتضيق حتى تمسي حلقات قد يكون لها شكل الدوامة لكنها لا تلبث أن تسرع بدورانها لتبتلع تلك الحصى التي إن هي إلا إقتصادنا الذي سرعان ما يغوص ويغوص في عمق العدم .
لا نبصر …لا نفكر ….لا نتروى ….فقط نندفع بشراهة الجائع العطش …ربما …لأننا عطشنا …ربما لأننا جعنا .. ربما لأننا أردنا أن نملي أعيننا بنور الكهرباء على الأقل بعد سنين حرب أرهقتنا وكنا فيها لا نكاد نبصر وجوهنا في تلك العتمة …ربما لم تكن تلمع عيوننا بفرح بل بخوف مع بريق القذائف والمتفجرات الذي كان يتصاعد في السماء …نعم كان هذا بعض من ضوء لكن قطعاً ليس بنور .
ربما عطشنا وعطشنا كثيرا ….إذ كانت مدينتنا مدينة العطش الأولى ….وكم عانينا ….كم بحثنا وبحثنا واستنزفنا حتى الآبار …وكم وصلتنا المياه ملوثة !!
نعم ربما لا نلام ….فقد جعنا ….كم فقد الطعام وكم عانينا بغياب الخبز …وكم بكى الرضع لغياب الحليب ..!
كم بردنا …! !
كم أحرق فقراءنا ما تبقى من بقايا ألبستهم وأحذيتهم المطاطية المهترئة … بعد ما أحرقوا أخر ما كانوا يجدونه من صناديق وأوراق في الشوارع …
يا لشوارعنا أيضا ! كم وكم بردت وتعرت من أشجارها التي اقتطعها أهلونا مرغمين أمام إزرقاق وجوه أطفالهم وعجائزهم من البرد …لا زجاج بنوافذ يقيهم ولا حتى أبواب …مدينة قد تعرت من كل شيء .. من الرحمة ومن الإنسانية .
نعم لنعترف أننا نريد أن نشعر الآن بأننا نعيش بشكل آدمي جميل ….أن نحظى بحمام دافئ وفراش وثير وطعام وشراب …أن نسمع الأخبار بالتلفزة لا قيلاً عن قال .. نحتاج أن نبتهج لكهرباء تشعرنا بأننا هنا الآن في القرن الواحد والعشرين . …نعم لدينا الحق بهذا بأن نحاول التعويض .. بأناقة ربما نحملها معنا بمجالسنا بالمقاهي والمطاعم …ألسنا حضاريون ؟ ؟
ويغيب عن بالنا ….الحقيقة ….نبدأ بهذا الترف الخادع … ولا نتعلم … نعود للإستسلام إلى التفاهة والفراغ .
الكثير والكثير من المقاهي والمطاعم .. باتت هي المتنفس الأساسي .. وبالتالي باتت عملا ناجعا ً للمستثمرين .. لكن ؟ ؟ ؟
والتجارة بالعقارات ….أيضا باتت من الأولويات .. وهكذا ….تدور العملة في مكانها .. بصورة شكلية …
ونغفل عن موضوع التصنيع والإنتاج …لنتبع المداولة وفقط المداولة الدوارة … أنشوطة الشعوب .. مكانك راوح
المراوحة في المكان ….موت .
أنشوطة تخنق ….والأجيال تدفع ثمن الديون ….

نضال سواس

Leave a Reply